أعلن الرب يسوع
المسيح حقيقة لاهوته وربوبيته عشرات المرات ولكن بشكل غير مباشر وأن كان ذلك
بصراحة ووضوح، سواء في الإنجيل للقديس يوحنا أو في الأناجيل الثلاثة الأخرى، كما
سنرى.
1 - رب
داود، ورب الكل
2 - الكائن قبل إبراهيم وإله إبراهيم
3 - الديان الذي سيدين المسكونة بالعدل (ملك يوم الدين)
4 - وأعلن أنه الأزلي الأبدي الذي لا بداية له
ولا نهاية
5 - الابن المساوي للآب
6 – الواحد مع الآب في الجوهر
7 - ملك الملكوت
8 – الذي في السماء والنازل من السماء والموجود في كل مكان
9 – معطي الروح القدس
10 – يسوع المسيح هو الرب يهوه
11 – إعلان أنه الرب المعبود والذي يصلي المؤمنون باسمه
عندما
أراد الرب يسوع المسيح أن يكشف حقيقة ذاته ولاهوته وكونه الرب الإله لعلماء اليهود
الذين يفهمون أسفار العهد القديم جيدا ويحفظون نبواته عن المسيح المنتظر عن ظهر قلب
ويعرفون تفسيرها، برغم معرفته أنهم لن يؤمنوا، لأنه كما يقول الكتاب كان يعلم
أفكارهم: "
فعلم يسوع أفكارهم " (مت9: 4؛12 :25)،
" أما هو فعلم
أفكارهم " (لو6 :8)، " فعلم أفكارهم وقال لهم " (لو11 :17)، بل، كما يقول الكتاب: " كان يعرف الجميع " (يو2 :24)، قال
لهم مستشهداً بنبوّة داود النبي عن لاهوته وربوبيته: "
ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود
بالروح ربا قائلا: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. فان
كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة. ومن ذلك اليوم
لم يجسر أحد أن يسأله بتة " (مت22 :42-46). والسؤال هنا ما معنى
هذه النبوّة؟ وما الذي قصده الرب يسوع المسيح باستشهاده بهذه الآية وبسؤاله لرؤساء
اليهود؟ فقد سأل الرب يسوع علماء اليهود عمن هو المسيح المنتظر وكانت إجابتهم: أنه
ابن داود، ونظرا لمعرفتهم أن داود أشار بالروح القدس إليه في المزمور 110 فقد
استشهد الرب يسوع المسيح بنص نبوّة المزمور: " يدعوه داود بالروح ربا "،
ثم سألهم قائلاً: " فان كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ "،
أي كيف يكون رب داود وابن داود في آن واحد فعجزوا عن الإجابة!
وهنا اعتراف صامت من اليهود أن المسيح المنتظر هو ابن داود وهو نفسه رب
داود حسب نص النبوّة، وقد فهموا أنه يقصد أنه
المسيح المنتظر وأنه رب داود، وهنا إعلان مباشر من الرب
يسوع المسيح نفسه أنه الرب، رب داود، ورب داود هو الإله الواحد حسب نص الإيمان
اليهودي " اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد " (تث6:4). فقد أكد الرب يسوع المسيح حقيقة كونه
رب داود وإلهه وفهم اليهود ذلك وعجزوا عن الرد عليه!! ونكمل الآن شرح النبوّة.
2 - الكائن قبل إبراهيم وإله إبراهيم:
وفي حوار له مع رؤساء اليهود يقول الكتاب أنه قال لهم " الحق
الحق أقول لكم أن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد 000 فقال له اليهود
000 قد مات إبراهيم والأنبياء. وأنت تقول أن كان أحد يحفظ كلامي فلن يذوق الموت
إلى الأبد. ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات. والأنبياء ماتوا. من تجعل نفسك 000 قال لهم يسوع
الحق الحق أقول لكم أبوكم إبراهيم تهلل بان يرى يومي فرأى وفرح " (يو8
:56-58).
سبق فأعلن الله لإبراهيم أن الأمم ستتبارك بمجيء المسيح منه،
من نسله، قائلاً: " وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض "
(تك12 :3)، ويقول القديس بولس: " والكتاب إذ سبق فرأى أن الله بالإيمان يبرر الأمم سبق
فبشر إبراهيم أن فيك تتبارك جميع الأمم 000 لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع
لننال بالإيمان موعد الروح " (غل3:
8 و14)، كما قال له الله أيضا: " ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض " (تك22 :18)، ويقول الكتاب: " وأما المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي
نسله. لا يقول وفي الانسال كأنه عن كثيرين بل كأنه عن واحد وفي نسلك الذي هو
المسيح " (غل3 :16). وقد تمنى أبونا
إبراهيم أن يرى هذا اليوم، يوم المسيح، ويقول الرب يسوع المسيح " فرأى وفرح
"، أي رآه بعد التجسد، وعرف بتجسده كما عرف بمجيء موسى والأنبياء الذين جاءوا
بعده بمئات السنين بحسب قول الله للغني في قصة الغني ولعازر عندما طلب الغني من الله
أن يرسل لعازر لأخوته الأحياء حتى لا يأتوا إلى مكان العذاب هم أيضاً، فقال له:
" عندهم موسى والأنبياء ".
" فقال له (للمسيح) اليهود ليس لك
خمسون سنة بعد. أفرأيت إبراهيم؟ قال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون
إبراهيم أنا كائن. فرفعوا حجارة ليرجموه. أما يسوع فاختفي وخرج من الهيكل
مجتازا في وسطهم ومضى هكذا " (يو8 :51-59).
وهنا أثار قوله " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن
"، أي " أنا موجود "، وهو هنا يستخدم الصيغة في المضارع ليعبر بها
عن الماضي، وهي حرفياً: " أنا أكون = Ego
eimi - έγώ ειμί -I Am "، للدلالة على الاستمرار في الوجود، الوجود الدائم.
وهذا أغضب
اليهود وجعلهم يحنقون عليه، لأنه يقول أنا موجود بمعنى الموجود الدائم الوجود،
وهذا يخص الله وحده، لذا قرروا موته رجماً بالحجارة " فرفعوا حجارة ليرجموه
".
لماذا؟
لأنهم اعتقدوا
أنه يجدف على الله وينسب لنفسه ما لله ويسمى نفسه باسم الله، أي يقول "
أني أنا الله ".
كيف ذلك؟
لأن كلامه هذا له أكثر من مغزى كلها تدل على أنه
يقول صراحة أنه الله!
أولاً: يقول أنه قبل أن يوجد إبراهيم، منذ حوالي 2000 سنه ق م، كان
هو موجوداً. أي أنه يؤكد على وجوده السابق، قبل إبراهيم. وبالتالي على وجوده
السابق للتجسد والميلاد من العذراء، على وجوده الدائم، فقد كان موجودا قبل أن يظهر
على الأرض، وهذا يعني أنه كان كائناً في السماء دائماً.
ثانياً: يقول بالحرف الواحد " أنا كائن "، وهذا
القول يعني حرفياً " أنا أكون " و " الكائن "
وباليونانية " Ego eimi - έγώ ειμί -I Am ". وهو هنا يستخدم نفس الاسم
الذي عبر به الله عن نفسه عندما ظهر لموسى النبي في العليقة وعندما سأله موسى عن
اسمه قال له: " أهيه الذي أهيه والتي تعني
وترجمت في اليونانية أنا هو الكائن "، كما ترجمت في العربية: " أكون الذي
أكون ". وقال الله " هكذا تقول لبني إسرائيل أهيه (
الكائن) أرسلني إليكم وقال الله أيضا لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه اله آبائكم اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب
أرسلني إليكم. هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دور فدور " (خر3 :13-15).
وترجمت أهيه في اليونانية: أي " الكائن "، وترجمت "
يهوه "، " الكائن " وفي اليونانية ، أي " الرب ".
و " أهيه – ehyeh= أكون "، هي اسم يعبر عن كينونة الله وكيانه وجوهره، ويعبر عن
وجوده الذاتي، الدائم والمستمر، الوجود الأزلي الأبدي، الذي لا بداية له ولا
نهاية، فوق الزمان، فهو غير الزمني. كما يعبر عن وجوده الذاتي، كالموجود بذاته
بدون موجد، إذ أن وجوده في ذاته ومن ذاته. كما يعبر أيضاً عن وجوده كالموجود، الذي
هو أصل وسبب ومصدر وعلة كل وجود، الموجود الذي يستمد منه كل وجود وجوده، فهو
الموجود بذاته وخالق كل الموجودات، الكون كله من أصغر جزء في الذرة إلى أكبر
المجرات، خالق الكون وفيه. فالله هو الكائن الوحيد حقاً 000 (راجع رؤ8:1):
" أنه كائن وكان ويأتي. وأنه القدير ". أي " الكائن والذي كان
والذي يأتي القادر على كل شيء ".
أي أن الرب يسوع المسيح أعطى لنفسه نفس الاسم الذي عبر به
الله عن نفسه " أنا الكائن الدائم - الكائن الذي يكون " والذي
يساوي يهوه (الكائن) الذي هو اسم الله الوحيد في العهد القديم. أي أنه يقول لهم
" أنا الكائن الدائم " الذي ظهر لموسى في العليقة، وهذا
ما جعل اليهود يثورون عليه ويحنقون لأنهم أدركوا أنه يعنى أنه هو " الله
" نفسه " الكائن الدائم ". وهذا الاسم لا يمكن أن يطلق على غير
الله ذاته والذي يقول الله عنه: " يهوه (الكائن)
هذا اسمى ومجدي لا أعطيه لآخر " (اش43
:8).
ثالثاً: كما أن الرب يسوع المسيح يستخدم في قوله هذا الزمن الحاضر
(المضارع) " أكون - έγώ ειμί -
I am " والذي يدل على الوجود المستمر، بلا
بداية وبلا نهاية، وهو هنا يعني أنه " الكائن " دائماً، والذي "
كان " أزلاً " بلا بداية، والذي سيكون " يأتي " أبداً بلا
نهاية، الموجود دائماً في الماضي بلا بداية، والحاضر دائماً، والمستقبل بلا نهاية،
كقوله في سفر الرؤيا " أنا هو الألف والياء. البداية والنهاية. الأول
والآخر" (رؤ22 :16).
إذا فهو يعلن صراحة أنه هو الرب الإله الواحد المعبود،
والكائن الأزلي الأبدي الذي لا بداية له ولا نهاية!! ولذلك عندما قال له تلميذه
توما " ربّي وإلهي " قال له " لأنك رأيتني يا توما آمنت،
طوبى للذين آمنوا ولم يروا " (يو20 :28، 29). وهذا
ما أكده مرات عديدة.
3 - الديان الذي سيدين المسكونة بالعدل (ملك يوم الدين):
يقول الرب يسوع المسيح نفسه: " ومتى جاء ابن الإنسان في مجده
وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب
فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه
والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا
الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم 000 ثم يقول أيضا للذين عن اليسار اذهبوا عني
يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته 000 فيمضي هؤلاء إلى عذاب
ابدي والأبرار إلى حياة أبدية " (مت25 :31-46). وهنا
نلاحظ الآتي:
(أ) مشهد
الدينونة.
(ب) وكرسي
الدينونة.
(ج) والديان.
(د) والملائكة.
(ر) وجميع
الشعوب والأمم تقف أمام الديان.
والديان كما هو معروف
هو الله " وتخبر السموات بعدله لان الله هو الديان " (مز50 :6)، " ولكنك من اجل قساوتك
وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب إستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازي
كل واحد حسب أعماله " (رو2:5).
بل وفي سفر الرؤيا يقدم لنا مشهد الدينونة المهيب: " ثم رأيت عرشا عظيما ابيض والجالس عليه الذي من وجهه هربت
الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع. ورأيت الأموات صغارا وكبارا واقفين أمام
الله وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات مما هو مكتوب
في الأسفار بحسب أعمالهم " (رؤ20 :11-12).
وهنا يقول الرب يسوع
المسيح نفسه أنه هو الذي سيأتي على السحاب يوم الدينونة ليدين المسكونة بالعدل هو
الديان، الملك الديان، ملك يوم الدين، وأن مجد الدينونة هو مجده وكرسي الدينونة هو
كرسي مجده وجميع الملائكة القديسين هم ملائكته وأنه هو الذي سيجلس على كرسي مجده
وهو الذي ستجتمع أمامه جميع الشعوب، كما يقول أيضاً موضحا ما سيحدث وقت مجيئه: " وللوقت بعد ضيق تلك الأيام
تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضؤه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع
قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل
ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السموات
إلى أقصائها " (مت24 :29-31). وأيضاً: " وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتيا
في سحاب بقوة كثيرة ومجد فيرسل حينئذ ملائكته ويجمع مختاريه من الأربع
الرياح من أقصاء الأرض إلى أقصاء السماء " (مر13 :26و27). وأيضاً: " فان
ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله
" (مت16 :27). وقال لتلاميذه: " الحق أقول لكم أنكم انتم الذين تبعتموني
في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون انتم أيضا على اثني
عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر " (مت19 :28).
" لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى
المغارب هكذا يكون أيضا مجيء ابن الإنسان 000 وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في
السماء وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء
بقوة ومجد كثير، فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح
من أقصاء السماوات إلى أقصائها " (مت24 :27-31). " وحينئذ يبصرون
ابن الإنسان آتيا في سحاب بقوة كثيرة ومجد " (مر13 :26).
" لان من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان
متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين " (لو9 :26). "
وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتيا في سحابة بقوة ومجد كثير " (لو21
:27). " منتظرين الرجاء المبارك و ظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح
" (تي2 :13).
ويقول في بداية سفر الرؤيا: " هوذا يأتي مع السحاب
وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض. نعم آمين. أنا هو الألف
والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء
" (رؤ1 :7 و8). وهنا يتكلم عن نفسه باعتباره الله الأول والآخر والقادر على
كل شيء. ثم يختم سفر الرؤيا بقول
الروح للكنائس : " وها أنا آتى سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون
عمله أنا الألف والياء البداية والنهاية الأول والأخر000 أنا يسوع أرسلت ملاكي
لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير، والروح
والعروس يقولان تعال ومن يسمع فليقل تعال ومن يعطش فليأت ومن يرد فليأخذ ماء
حياة مجانا 000 يقول الشاهد بهذا نعم أنا آتى سريعا أمين تعال أيها الرب يسوع
" (رؤ22 :12-20).
وأكدت الملائكة هذه الحقيقة بقول الملاكان
للتلاميذ بعد صعوده إلى السماء مباشرة: " أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين
تنظرون إلى السماء. أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما
رأيتموه منطلقا إلى السماء " (أع1 :11). ومن ثم يقول الكتاب: " لأن الرب
نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح
سيقومون أولا. ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في
الهواء.وهكذا نكون كل حين مع الرب " (1تس4 :16). " وإياكم الذين
تتضايقون راحة معنا عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته " (2تس1
:7).
وهو الديان الذي يقول للأبرار "
رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم "، وهو الديان الذي يقول للأشرار
" اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته "، وهو الذي أكد أنه الديان الوحيد: " لان الآب لا يدين أحدا
بل قد أعطى كل الدينونة للابن " (يو5 : 22). " وأعطاه (الآب) سلطانا
أن يدين أيضا لأنه ابن الإنسان " (يو5 : 27). ومن ثم يقول الكتاب:
" اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح" (رو2
: 16). " من هو الذي يدين؟ المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا
الذي هو أيضا عن يمين الله الذي أيضا يشفع فينا " (رو8 : 34).
ويقول القديس بولس بالروح: " لأننا
جميعا سوف نقف أمام كرسي المسيح. لأنه مكتوب أنا حيّ يقول الرب انه لي ستجثو كل
ركبة وكل لسان سيحمد الله. فإذا كل واحد منا سيعطي عن نفسه حسابا لله " (رو14
:10و11). " لأنه لا بد أننا جميعا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما
كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا " (2كو5 :10)، " من هو الذي
يدين. المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا الذي هو أيضا عن يمين الله الذي أيضا
يشفع فينا " (رو8 :34)، ويقول لتلميذه تيموثاوس: " أنا أناشدك إذا أمام
الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته "
(2تي4 :1)، " وأخيرا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب
الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا " (2تي4 :8).
والخلاصة هي أن الرب يسوع المسيح يقول عن نفسه أنه الديان وملك
يوم الدين الذي يجازي كل واحد بحسب أعماله مؤكدا أنه هو الله، الله الكلمة، ملك يوم
الدين.
4 - وأعلن أنه الأزلي الأبدي الذي لا بداية له
ولا نهاية:
أكد الله في العهد القديم أنه هو، الله، الإله الواحد؛ الأول والأخر
والذي لا إله غيره أو مثله أو سواه أو معه أو قبله أو بعده، لا إله إلا هو، الله:
" ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله وليس آخر " (1مل8 :60).
وهنا يقول: " يهوه هو ها إيلوهيم ، وفي اليونانية: " (الرب
الإله هو الله) = the LORD is God
"، أي أن " يهوه " اسم الله الدال على كيانه الإلهي كالواجب الوجود
الدائم الوجود، هو الله، الرب الإله، ولا يوجد إله أخر غيره. ثم يقول: " انتم
شهودي يقول الرب " - the LORD " وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني
أنا هو قبلي لم يصور اله وبعدي لا يكون. أنا أنا الرب) وليس غيري
مخلص. أنا أخبرت وخلّصت وأعلمت وليس بينكم غريب. وانتم شهودي يقول الرب وأنا
الله " (اش43 :10-12). ونلاحظ في الآيتين الأولى والثانية أنه يقول:
" يقول الرب = يقول يهوه " وترجمت في اليونانية " الرب الإله"،
وفي الثانية يقول: " أني أنا هو " وترجمت في اليونانية " أنا هو =
أنا أكون "، وفي الثالثة يقول " أنا أنا يهوه " وترجمت في
اليونانية " أنا الله ".
كما يؤكد الكتاب أيضا قول الله نفسه أن اسمه ومجده وصفاته لا يمكن
أن يعطيها لآخر ولا تكون لغيره فيقول: " أنا الرب (يهوه LORD هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر
ولا تسبيحي للمنحوتات " (اش42: 8). في حين نرى الرب يسوع المسيح يعطي لنفسه
اسم الله ويصف نفسه بصفاته ويلقب نفسه بألقابه، صفات الله وألقابه!! فالآيات تتكلم
بكل وضوح عن الله، يهوه إيلوهيم، الكائن، الذي لا إله غيره أو مثله أو سواه.
وتتكلم أيضاً وبنفس الأسلوب والاسم الإلهي والصفات الإلهية عن الآب والرب يسوع
المسيح:
حيث يقول هو في سفر الرؤيا: " أنا هو الألف والياء
البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء "
(رؤ1 :8).
ويقول الله الآب للخليقة: " أنا هو الألف
والياء البداية والنهاية. أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة " (رؤ21:
6).
" أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ،
الأَوَّلُ وَالآخِرُ" (رؤ22 :13). أي ما قيل عن الآب قيل عن الابن، وتؤكد الآيات أن نفس
صفات الآب وألقابه الإلهية هي نفسها صفات وألقاب الابن الإلهية، وكما أن الآب أزلي
ابدي، لا بداية له ولا نهاية، الأول والآخر، الألف والياء، البداية والنهاية،
الابن أيضا أزلي ابدي، لا بداية له ولا نهاية، الأول والآخر، الألف والياء،
البداية والنهاية. أي أن الابن يجمع في ذاته كل الصفات المطلقة التي لله، ويتكلم
عن نفسه بطريقة تؤكد أنه هو الله، الله الكلمة، بنفس الأسلوب والطريقة التي تكلم
بها الله عن نفسه في العهد القديم والعهد الجديد، معطيا لنفسه أهم وأخص ألقاب الله
التي لم تستخدم لغير الله مطلقاً.
5 - الابن المساوي للآب:
تكلم الرب يسوع المسيح عن كونه ابن الآب الذاتي، الذي من ذاته، والمساوي
للآب في كل شيء، يقول الكتاب: " ولهذا كان اليهود
يطردون يسوع ويطلبون أن يقتلوه لأنه عمل هذا في سبت. فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى
الآن وأنا اعمل. فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض
السبت فقط بل قال أيضاً أن الله أبوه معادلا نفسه بالله فأجاب يسوع وقال
لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب
يعمل. لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك. لأن الآب يحب الابن
ويريه جميع ما هو يعمله. وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا انتم. لأنه
كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضاً يحيي من يشاء. لأن الآب لا يدين
أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب.
من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي
ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى
الحياة. الحق الحق أقول لكم انه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله
والسامعون يحيون. لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون
له حياة في ذاته. وأعطاه سلطانا أن يدين أيضاً لأنه ابن الإنسان. لا تتعجبوا من
هذا. فانه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا
الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيّآت إلى قيامة الدينونة " (يو5
:16-29). وفي هذه الأقوال يؤكد الرب يسوع المسيح الآتي:
(1) استمرار الآب والابن في العمل في
الخليقة، وأن عمل الابن غير منفصل عن عمل الآب، لأن الله لم يخلق الخليقة ويتركها بل هو مستمر في
تدبيرها وضبطها بكلمته، الابن، باعتباره الضابط الكل. والابن يعمل مع الآب
بالتوازي كقول الكتاب: " الذي هو صورة الله غير المنظور بكر (رأس) كل خليقة.
فانه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا
أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء وفيه
يقوم الكل " (كو1 :15-17)، " الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل
كل الأشياء بكلمة قدرته " (عب1 :3).
(2) اعترض اليهود على المسيح لأنه شفي المريض يوم السبت،
يوم الراحة، وقد سبق أن أكد لهم أنه هو رب السبت: " فان ابن الإنسان هو رب السبت أيضا "
(مت12 :8)، لأنه هو الذي جعل السبت لراحة الإنسان وليس العكس: " ثم قال لهم
السبت إنما جعل لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت " (مر2 :27)، ومن جعل
السبت لراحة الإنسان لا يتوقف عن العمل عندما يكون العمل لفائدة الإنسان.
(3) وقد فهم اليهود من قوله " أن الله أبوه
" وأنه يعمل مثل الله ونفس أعمال الله بما فيها من خلق وتدبير الخليقة، أنه
يساوي نفسه بالله
فقالوا: " قال أيضاً أن الله أبوه معادلا نفسه بالله ". والذي يعني مساو أو معادل. فهو مساو لله لأنه أبنه الذي من
ذاته " كما لوحيد من الآب " (يو1 :14)، وفيه، في ذاته " الابن
الوحيد الذي في حضن الآب " (يو1 :18)، والواحد معه في الجوهر " أنا
والآب واحد " (يو10 :30).
(4) وقد
أكد الرب يسوع المسيح هذه الحقيقة وهذه المساواة بين الآب والابن بقوله: " لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن
كذلك "، مؤكدا أنه يعمل
جميع أعمال الله ومن ثم فقد قال:
أ- أنه مثل
الآب يقيم الموتى. بل ويحي من يشاء.
ب – أنه هو
الديان الذي سيدين المسكونة بالعدل.
ج – هو الذي
سيقيم الموتى بالروح والموتى بالجسد.
د – أنه حي،
وله الحياة في ذاته. ومن ثم فقد قال عن نفسه: " لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضا. ليس احد
يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضا
" (يو10 :17و18).
ر – أخيرا يطلب كرامة مساوية للآب " لكي يكرم الجميع الابن كما
يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله "، ولا يمكن
لمخلوق أن يطلب كرامة مساوية للآب.
6 – الواحد مع الآب في الجوهر:
وتكلم الرب يسوع المسيح عن كونه الابن من الآب، الذي من الآب والذي
في الآب، في حضن الآب والواحد مع الآب في الجوهر، وفي ذات الآب قبل كل خليقة، وأن حقيقة
كونه ابن الله، الابن من الآب، هذه الحقيقة التي لا يعرفها أحد ولا يقدر أن يعلن
عنها أحد غير الابن ذاته فقال مؤكداً: " كل شيء قد
دفع إليّ من أبي. وليس احد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن
ومن أراد الابن أن يعلن له " (لو10: 22)، أي أن معرفة الآب والابن
لا تتم إلا عن طريق الابن،
لماذا؟
يعلل هو ذلك
بأنه يعرف الآب لأنه منه " أنا أعرفه لأني منه
" (يو7: 29)، فهو الذي " من الآب " و " في الآب
"؛ " أني أنا في الآب والآب فيّ 000 أني في الآب والآب فيّ
" (يو14 :10و11)، " الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر "
(يو1: 18)، والكائن في ذات الآب: " والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك
بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم 000 أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين
أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل
إنشاء العالم " (يو17 :5و24)، والموجود قبل كل وجود " قبل أن
يكون إبراهيم أنا أكون (كائن) " (يو8 :58)، وكما أعلن عن نفسه: "
أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر " (رؤ22 :16).
كما تكلم عن الآب باعتباره الآتي منه، من الآب، من عند الآب، من
ذاته، وغير المنفصل عنه، الواحد معه، والمساوي له في كل شيء، بل واستخدم كلمة
" الآب " باستمرار سواء في حديثه عن الله أو في حديثه مع الله
بطريقة تؤكد العلاقة الفريدة بين الآب والابن؛ ففي الإنجيل للقديس مرقس (14: 36)
ينادي الآب بالتعبير الآرامي " أبا "؛
" يا
أبا الآب " الذي يعني " daddy"، أي أباه
بصفة خاصة، أبيه الذي هو منه، وهو لقب لم ينادي به أحد الله من قبل (رو8 :15 وغل4:
6). ودائما يقول " أبي وأبيكم " (يو20 :17) ولم يقل قط " أبانا
". وقد فهم اليهود من أحاديثه إعلانه عن علاقته الخاصة بالله الآب: "
فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن وأنا اعمل. فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون
أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا أن الله أبوه معادلاً
(مساوياً) نفسه بالله 000 لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك "، ولما
قال لهم: " أنا والآب واحد فتناول اليهود
أيضا حجارة ليرجموه. أجابهم يسوع أعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي. بسبب أي
عمل منها ترجمونني. أجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل
تجديف. فانك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها " (يو10 :30-33)، " ولكن أن
كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ
وأنا فيه " (يو10 :38).
وكان يقول لهم: " لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا. ومن
الآن تعرفونه وقد رأيتموه. قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا. قال له يسوع أنا
معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأي الآب فكيف تقول
أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ. الكلام الذي أكلمكم به
لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيّ هو يعمل الأعمال " (يو14 :7-10)،
" الذي يبغضني يبغض أبي أيضا " (يو15 :23). كما يؤكد أن كل ما للآب هو
له: " كل ما للآب هو لي " (يو15 :16)، ويخاطب
الآب بقوله: " وكل ما هو لي فهو لك. وما هو لك
فهو لي " (يو17 :10و11).
7 - ملك الملكوت:
جاء الرب يسوع المسيح ينادي بالملكوت وكان موضوع " ملكوت
الله "، أو " ملكوت السموات "، هو جوهر ولب وأساس ومحور كرازته،
وقد وردت عبارة " ملكوت الله " في العهد الجديد 56 مرة، منها 49 مرة في
الأناجيل الأربعة و7 مرات في بقية العهد الجديد، ووردت عبارة " ملكوت السموات
"، 32 مرة في الإنجيل للقديس متى فقط ولم ترد في أي مكان آخر، ويرجع السبب في
ذلك لأن القديس متى قد دون إنجيله بالروح القدس للمسيحيين من أصل
يهودي، وبصفة خاصة يهود فلسطين، والذين كانوا يتجنبون النطق أو التلفظ باسم الله يهوه
خشية ورهبة، فراعى عادتهم هذه، كيهودي أصلاً، وأستخدم التعبير الذي كان
شائعاً في وسطهم وهو " ملكوت السموات "، ومع ذلك فقد أستخدم تعبير
" ملكوت الله " حوالي ست مرات للتعبير عن طبيعة وجوهر " ملكوت الله
": فيقول الرب للجموع: " لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها
تزاد لكم " (مت6 :33)، ويقول لرؤساء اليهود: " ولكن أن كنت أنا بروح
الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله " (مت12 :28). وقال عن الشاب
الغني: " وأقول لكم أيضا أن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى
ملكوت الله " (مت19 :24)، ووبخ اليهود على ريائهم قائلا: " الحق أقول
لكم أن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله " (مت21 :31)، ثم قال
مشيرا إلى دخول الأمم ملكوت الله بعد فشل جزء كبير من اليهود في ذلك: " لذلك
أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره " (مت21 :43).
كما استخدم العهد الجديد أيضاً عبارات
" الملكوت "، و " ملكوتك "، التي تشير إلى الآب " ليأت ملكوتك.
لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض " (مت6 :10). كما تشير إلى الابن؛
فقد طلبت أم يوحنا ويعقوب من الرب قائلة: " أن يجلس
أبناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك " (مت20 :21)،
وقال له اللص اليمين: " اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك
" (لو23 :42). و " ملكوته " التي تعود على الآب "
ونشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم إلى ملكوته ومجده " (1تس2
:12)، أو على الابن، المسيح " يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته
جميع المعاثر وفاعلي الإثم " (مت13 :41)، " الحق أقول لكم أن من القيام
ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيا في ملكوته " (مت16
:28).
واستخدم أيضاً عبارات
" ملكوت أبى " (مت26 :29) و" ملكوت ابن محبته "
(كو4 :11)، أي المسيح، و " ملكوت المسيح " (أف5 :5) و" ملكوت
ربنا ومخلصنا يسوع المسيح " (2بط1:11) و " ملكوت يسوع المسيح
" (رؤ1 :9) و" صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه " (رؤ11
:15)، أي ملكوت الآب والابن. وهذا يعنى أن
ملكوت الله هو ملكوت الرب يسوع المسيح وملكوت الآب هو ملكوت الابن، أو كما يقول
الرب يسوع المسيح " كل ما للآب هو لي "
(يو16 :15). فالمسيح هو الملك " الآتي باسم الرب " (يو12 :13)،
وهو " ملك الملوك ورب الأرباب " (رؤ19 :16)، ملك الملكوت الذي تنبأ الأنبياء أنه
سيجلس على عرش داود إلى الأبد " قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك
موطئا لقدميك " (مز110 :1)، الإله الأبدي القدير رئيس السلام " لأنه
يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها
قديرا أبا أبديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى
مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد " (اش9 :6و7).
وعندما جاء المسيح إلى العالم في " ملء الزمان
" (غل4 :4)، و" ظهر في الجسد " (1تي3 :16)، أعلنت الملائكة
أنه الملك السمائي الآتي ليقيم ملكوت الله، فقال الملاك للعذراء القديسة مريم
أثناء بشارته لها " هذا يكون عظيماً وأبن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي
داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية "
(لو1 :32و33)، وهتف جند السماء عند ميلاده " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض
السلام وبالناس المسرة " (لو2 :14)، وذلك لحلول ملك السلام على الأرض، وجاء
مجوس من المشرق مهتدين بنجم في السماء ليسجدوا له كملك " أين هو المولود ملك
اليهود " (مت2 :2)، وقدموا له هدايا كملك، ولما رأى نثنائيل قدرته على معرفة
الغيب، في أول لقاء لهما، قال له " يا معلم أنت أبن الله. أنت ملك إسرائيل
" (يو1 :49)، وهو يقصد الملك الآتي الذي تنبأ عنه الأنبياء، ولما أشبع الجموع
بخمسة أرغفة وسمكتين آمنوا إنه هو الملك الآتي وأرادوا أن ينصبوه ملكا " فلما
رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم.
وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً أنصرف إلى الجبل
وحده " (يو5 :14-16)، لقد كان هو حقاً الملك الآتي ولكنه لم يكن ملكاً أرضياً
يحكم على مجرد شعب واحد بل ملكاً سمائياً روحياً لكل الأمم والشعوب والقبائل
والألسنة، كما قال هو لبيلاطس " مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي
من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسّلم إلى أيدي اليهود. ولكن الآن مملكتي
ليست من هنا " (يو19 :36). مملكته هي مملكة " قديسي العلى " التي
تنبأ عنها دانيال النبي (دا7: 27)، " مملكة لا تنقرض أبداً ومُلكها لا يترك
لشعب آخر وتسحق وتفنى كل هذه الممالك وهى تثبت إلى الأبد " (دا7: 27)،
وملكوته " ملكوت أبدى وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون "
(دا7: 44)، ملكوت يسود فيه على ما في السماء وما على الأرض، كما قال هو " دفع إلى كل سلطان في السماء وعلى الأرض " (مت28
:18)، " كل شيء قد دفع إلى من أبى " (مت11 :27)، " الآب يحب
الابن وقد دفع كل شيء في يده " (يو3 :35) ومن ثم فقد دعاه الوحي في
سفر الرؤيا بـ " رئيس ملوك الأرض " (رؤ1 :5)، و" ملك
القديسين " (رؤ15 :30) و" رب الأرباب وملك الملوك "
(رؤ17 :24) و" ملك الملوك ورب الأرباب " (رؤ19 :16).
وفي حديثه عن " ملكوت الله " في الدهر الآتي، في المستقبل،
بعد المجيء الثاني قال أن " ملكوت الله " هو ملكوته هو " يرسل
أبن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم "
(مت13 :41)، " الحق أقول لكم أن من القيام هنا قوماً لا يذوقون الموت حتى
يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته " (مت16: 28). وقال لتلاميذه "
وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبى ملكوتاً. لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي
" (لو22: 29)، وعندما قال له اللص اليمين وهو على الصليب " أذكرني يا رب
متى جئت في ملكوتك. فقال له يسوع الحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس
" (لو23 :42و43).
وعلى الرغم من أن الرب يسوع المسيح رفض أن يُنصّب ملكاً على إسرائيل،
لأنه ملك الملوك ورب الأرباب، فقد قبل أن يدخل أورشليم كملك، ولكن ملك " وديع
ومتواضع " تحقيقاً لنبوءة زكريا النبي عنه " أبتهجي جداً يا ابنة صهيون
اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار
وعلى جحش ابن أتان " (زك9 :9)، والجموع هتفت له " مبارك الآتي باسم
الرب. مباركة مملكة أبينا داود الآتية (باسم الرب). أوصنا في الأعالي " (مر11
:9و10).
8 – الذي في السماء والنازل من السماء والموجود في كل مكان:
ومن الحقائق الهامة التي يؤكد فيها الرب يسوع المسيح أنه الله
المعبود هي تأكيده أن أصله ليس من الأرض ولا من هذا العالم، بل أنه من السماء، من
فوق، من عند الآب، من ذات الآب. وبرغم تأكيد نزوله من السماء إلا أنه يؤكد استمرار
وجوده في السماء برغم
وجوده في نفس الوقت على الأرض، وبرغم أنه من الآب، وقوله أنه جاء من عند الله وأنه
سيعود إلى الله، وأن الآب قد أرسله قد أرسله إلى العالم، إلا أنه يؤكد أنه موجود
في ذات الآب وفي حضن الآب وأنه لم ولن يفارق الآب، وأنه في الآب والآب فيه:
" لأني قد نزلت من السماء
ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني 000 وقالوا أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي نحن
عارفون بابيه وأمه. فكيف يقول هذا أني نزلت من السماء " (يو6 :38و42). ثم
يشير إلى نفسه رمزيا بالخبز الذي أنزله على إسرائيل من السماء مؤكدا أنه الخبز
الحقيقي من خلال تقديم ذاته على الصليب: " هذا هو
الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت 000 أنا هو الخبز الحي
الذي نزل من السماء. أن أكل احد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا
أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم 000 هذا هو الخبز الذي نزل من السماء.
ليس كما أكل آباؤكم المنّ وماتوا. من يأكل هذا الخبز فانه يحيا إلى الأبد "
(يو6 :50 و51و 58).
ثم يؤكد بعد ذلك أنه برغم نزوله من السماء إلا أنه لم يفارق السماء
مطلقا، فقد كان في السماء وعلى الأرض في آن واحد: " وليس
احد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء
" (يو3 :13).
ثم قال لليهود: " انتم من
أسفل. أما أنا فمن فوق. انتم من هذا العالم. أما أنا فلست من هذا العالم "
(يو8 :22)، وقال عنه يوحنا المعمدان: " الذي يأتي من فوق هو فوق
الجميع. والذي من الأرض هو ارضي ومن الأرض يتكلم. الذي يأتي من السماء هو فوق
الجميع "(يو3 :31).
كما أكد رسله على أنه من السماء ووصفوه بالذي من السماء فيقول
القديس بولس في العبرانيين " الذي من السماء " (عب12 :25). وعند
المقارنة بين آدم الأول وتجسد المسيح يقول: " الإنسان الأول من الأرض ترابي.
الإنسان الثاني الرب من السماء " (1كو15 :47)، وأيضا يقول "
وتنتظروا ابنه من السماء " (1تس1 :10).
إذا فالرب يسوع المسيح نفسه يؤكد أنه من السماء، نزل من السماء،
ومع ذلك لم يترك السماء بل هو موجود في السماء وعلى الأرض في آن واحد. وأنه ليس من
هذا العالم بل من فوق وكان كلامه واضحا وقد فهم اليهود مغزى كلامه فقد كان كلامه
واضحا لا لبس فيه وأدركوا مغزاه على الفور لذا يقول الكتاب: " فكان اليهود
يتذمرون عليه لأنه قال أنا
هو
الخبز الذي نزل من السماء. وقالوا أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي نحن عارفون
بأبيه وأمه. فكيف يقول هذا أني نزلت من السماء
" (يو6 :41و42).
بل ويؤكد أنه خرج من عند الآب، من ذات الآب، دون انفصال، وأنه
سيعود إلى حضن الآب، أنه من الآب ذاته، وفي الآب بدون انفصال وواحد مع الآب: " فقال لهم يسوع لو
كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأني خرجت من قبل الله وأتيت " (يو8
:42). " خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم
وأيضاً اترك العالم واذهب إلى الآب " (يو16 :28)، " أنا
أتكلم بما رأيت عند أبي " (يو8 :38)، " أجابهم يسوع أعمالا كثيرة
حسنة أريتكم من عند أبي " (يو10:32)، " لان الآب نفسه يحبكم
لأنكم قد أحببتموني وآمنتم أني من عند الله خرجت " (يو16 :27)، ويؤكد
أنه خرج من عند الله الآب، من قبل الله الآب، لأنه هو نفسه من الآب، من ذات الآب، وفي
ذات الآب، فهو عند الآب، في حضن الآب: " أنا اعرفه لأني منه وهو
أرسلني " (يو7 :29). فهو كما يقول القديس يوحنا بالروح: " الابن الوحيد الذي هو في حضن
الآب هو خبّر " (يو1 :18)، كان عند الآب، في ذات الآب ومن ذات الآب لأنه
كلمة الله وعقله الناطق " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان
الكلمة الله " (يو1 :1)." والكلمة
صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا
(يو1 :14).
ثم يؤكد أنه كما جاء من الآب سيعود إلى الآب الذي منه جاء: " سمعتم أني قلت لكم أنا اذهب ثم آتي إليكم. لو
كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت امضي إلى الآب " (يو14 :28)،
" بعد قليل لا تبصرونني. ثم بعد قليل أيضاً ترونني لأني ذاهب إلى الآب
" (يو16 :16). فكيف جاء من عند الآب وكيف سيعود إلى الآب؟ والإجابة هي لأنه
في الآب والآب فيه وواحد مع الآب في الجوهر: " أني أنا في الآب والآب فيّ.
الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيّ هو يعمل
الأعمال. صدقوني أني في الآب والآب فيّ. وإلا فصدقوني لسبب الأعمال
نفسها " (يو14 :10و11)، ويقول القديس يوحنا بالروح عن تجسد المسيح وظهوره بالجسد على الأرض: " فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة
الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا " (1يو1 :2).
كما يعلن أيضاً
أنه الموجود في كل مكان، سواء في السماء أو على الأرض، ليسمع ويستجيب لصلواتهم حيث
يقول: " لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم "
(مت20 :18). وعندما كان صاعدا إلى السماء قال لتلاميذه: " وها أنا معكم كل
الأيام إلى انقضاء الدهر " (مت20 :28). ويقول الكتاب: " ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع
إلى السماء وجلس عن يمين الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم
ويثبت الكلام بالآيات التابعة " (مر16 :19و20). فقد صعد على السماء بناسوته
ولكنه موجود في كل مكان بلاهوته.
9 – معطي الروح القدس:
الروح القدس هو روح الله، أقنوم الحياة في الذات الإلهية، يقول
الكتاب: " لأن
الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن من من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح
الإنسان الذي فيه. هكذا أيضا أمور الله لا يعرفها احد إلا روح الله " (1كو2
:10و11). وقد تكلم الرب يسوع المسيح عن الروح
القدس كروح الله وروحه هو أيضاً الذي يرسله الآب باسمه والذي يرسله هو من الآب،
الروح القدس الذي يصدر من الآب، ينبثق من الآب: "
وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق
الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه 000 وأما انتم
فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم " (يو14 :16و17و26). ولأنه
ينبثق من ذات الآب لذا يرسله الآب من ذاته وفي ذاته بدون انفصال، ولأن الآب والابن
واحد وكل ما للآب هو للابن لذا يرسله الابن أيضاً من ذات الآب: " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من
الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي " (يو15 :26)، " لكني أقول لكم الحق انه خير لكم أن انطلق. لأنه أن لم
انطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن أن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت
العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي 000 وأما
متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل
كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم.
كل ما للآب هو لي. لهذا قلت انه يأخذ مما لي ويخبركم " (يو16
:7-9و14و15). أنه يتكلم عن الروح القدس، روح الله المنبثق من الآب كروحه هو
أيضا والذي يرسله هو من الآب والذي يرسله الآب باسمه.
وعندما تكلم عن
علاقته بالآب وعلاقة الروح القدس به وبالآب قدم لنا الله في حقيقة ثالوثه كالآب
والابن والروح القدس. وأخيرا يقول لتلاميذه: " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم
وعمدوهم باسم
الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر
" (مت28 :19). " وهذه
الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيّات
وان شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون ".
ويقول الإنجيل: " ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين
الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام
بالآيات التابعة " (مر16 :17-20). مؤكدا وجوده في كل مكان وكونه مرسل
الرسل والأنبياء وأن كل شيء يتم باسمه وأنه هو الذي يصنع المعجزات على أيدي
تلاميذه ورسله وأنبيائه، كقوله لهم: " ومهما سألتم باسمي فذلك افعله
ليتمجد الآب بالابن. أن سألتم شيئا باسمي فاني افعله " (يو14 :13و14).
10 – يسوع المسيح هو الرب يهوه:
اسم الله كما عبر عنه في ظهوره لموسى النبي وكما تكلم عنه اشعياء
النبي كثيرا هو " يهوه "، أي الكائن، الكائن الواجب الوجود الدائم الوجود
أصل وعلة كل وجود. قال الله " يهوه هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر "
(أش42 :8). كما ترجم أحيانا " أنا هو "، وفي كلتا الحالتين فقد استخدمه
الرب يسوع المسيح ونسبه لنفسه، بنفس الطريقة التي استخدمها عن الله الآب في العهد
القديم معبرا عن كينونته الذاتية " أنا هو " الذي يساوي أنا هو
الكائن، أنا هو يهوه، " فقلت لكم أنكم تموتون في
خطاياكم. لأنكم أن لم تؤمنوا أني أنا هو
تموتون في خطاياكم " (يو8 :24)، " فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان
فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست افعل شيئا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علّمني
أبي " (يو8 :28)، " أقول لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون أني
أنا هو " (يو13 :19).
كما استخدم ضمير المتكلم " أنا
" بمغزاها الإلهي وسلطته اللاهوتية مرات كثيرة، خاصة في الموعظة على الجبل: " قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن. وأما أنا فأقول لكم أن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه000
وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما
أنا فأقول لكم أن من طلّق امرأته إلا لعلّة
الزنى يجعلها تزني. ومن يتزوج مطلّقة فانه يزني. أيضا سمعتم انه قيل للقدماء لا
تحنث بل أوف للرب أقسامك. وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة 000 سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا
الشر 000 سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما
أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم. باركوا
لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم
" (مت5 :27-44).
وفي هذه الحالات يتكلم عن نفسه كواضع الشريعة والناموس. فهو يستخدم
ضمير " أنا " بنفس الأسلوب والطريقة التي يتكلم بها الله كصاحب
السلطان والسيادة على كل الخليقة. وفي سفر الرؤيا يستخدم ضمير الـ " أنا
" بكامل قوة وسلطان الله " أنا هو الأول والآخر
والحي وكنت ميتا وها أنا حيّ إلى ابد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت
" (رؤ1 :17)، " أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر
" (رؤ22 :13).
وأخيرا يقول " وها أنا آتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله. أنا
الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر " (رؤ22 :12و13). وهذا الكلام لا يمكن لأحد أن يقوله سوى الله نفسه. فهو الديان
وملك الملكوت: " فان ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ
يجازي كل واحد حسب عمله " (مت16 :27)، " ومتى جاء ابن الإنسان في
مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع
أمامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء
" (مت25 :31و32). ويقول في الرؤيا: " فستعرف جميع الكنائس أني أنا هو
الفاحص الكلى والقلوب وسأعطي كل واحد منكم بحسب أعماله " (رؤ2 :23).
كما يعطي لنفسه لقب رب بمعنى رب الخليقة: فيقول " ليس كل
من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في
السموات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا
وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم أني لم أعرفكم
قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم " (مت21:7-23).
سيادة اسم
يسوع: عندما بشر الملاك جبرائيل العذراء
مريم بالحبل بالسيد المسيح وولادته قال لها: " وها أنت ستجبلين وتلدين أبناً وتسمينه
يسوع " (لو1 :31)، وقال ليوسف النجار خطيب العذراء عن الحبل " الذي
حبل به " في العذراء: " فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص
شعبه من خطاياهم " (مت1 :23). إذا فاسم " يسوع
" هو الاسم
الوحيد الذي تسمى
به الرب يسوع المسيح بعد التجسد، أنه اسمه الوحيد الذي تسمى به من الملاك كما تسمى به أيضاً بعد ثمانية أيام من ولادته، أي يوم ختانه:
" ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمى يسوع كما تسمى من الملاك
قبل أن حبل به في البطن " (لو2 :21).
والاسم " يسوع
" في أصله العبري هو " يشوع " الذي هو أيضاً تصغير "
يهوشع ". فقد كان الاسم يكتب وينطق " يهوشع = يهو شع " حتى سنة 500
ق.م وبعد السبي البابلي أصبح يكتب وينطق في شكله المختصر " يشوع = Joshua ". والاسم
كما هو في أصله العبري مكون من مقطعين، من كلمتين مندمجتين، هما " يهوه " الكائن الدائم الوجود الواجب الوجود وعلة كل وجود و
" شع " وهو فعل عبري بمعنى " يخلص "، وهو هنا في الاسم "
يهوشع " يعنى " المخلص ". وهكذا يكون معنى الاسم " يهوه
المخلص " أو " يهوه يخلص
" أي الله المخلص. وقد فسره بعض
العلماء اليهود مثل فيلو Phelo الفيلسوف اليهودي بأنه " الرب خلاص Soteria
Kyrios ". وقال يوسابيوس القيصري أبو التاريخ
الكنسي " اسم يسوع يعنى خلاص الله ". والاسم في شكله الكامل "
يهوشع " هو اسم جمله، الفاعل يأتي أولاً وهو " يهوه " والفعل
" شع " هو شكل مساعد ومعناه الكامل كما قلنا " يهوه يخلص " أو
" يهوه المخلص ". قال يشوع بن سيراخ عن يشوع بن نون " كان كاسمه
عظيماً في خلاص مختاريه.
وعندما ترجم
العلماء اليهود العهد القديم إلى اللغة اليونانية نقلوا الاسم " يهوشع "
وتصغيره " يشوع " إلى Isou (ايسو) وفي حالة الفاعل Isous (ايسوس) وكذلك فعلت الترجمة القبطية التي حذت حذو العهد الجديد
الذي استخدم Isous
لكل من الاسم وتصغيره، وحذت الترجمات العالمية حذو الترجمة السبعينية والعهد
الجديد، فنقل الاسم في الانجليزية Jesus وفي الفرنسية Jesus أما الترجمة العربية فقد استخدمت الشكل الأخير " يشوع "
وأن كانت قد حافظت على الشكل الكامل " يهوشع " ونقلته كما هو عدة مرات ،
وميزت بين المسيح " يسوع " في شكله الآرامي أما يشوع بن نون فحافظت عليه
كما هو " يشوع " وكذلك فعلت الترجمة الانجليزية التي ميزت بين يسوع Jesus. ولكن في
اليونانية لا فرق بين يسوع ويشوع ويهوشع فجميعهم واحد " ايسوس Isous ".
اسم يسوع يحل محل اسم يهوه: كان اسم " يهوه " في القديم هو محور العبادة ومحور
العلاقة بين الله والإنسان فقد أرتبط به كل ما يتعلق بالعلاقة بين المخلوق والخالق
من عبادة وصلاة وسجود ودعوة 000 الخ. أما في العهد الجديد فأن اسم يسوع والمساوي
لاسم يهوه فقد أصبح هو محور العلاقة بين الله والناس، ومحور العبادة وأرتبط به كل
ما أرتبط في القديم باسم يهوه. وصار اسم يسوع اسماً " فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت
الأرض " (في2 :10و11). و " فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم
" (اف1 :21).
فاسم يسوع يفوق كل اسم لأنه اسم الإله المتجسد، أنه يهوه
المخلص. أنه الاسم الوحيد المساوي والمرادف لاسم " يهوه " والرب يسوع
نفسه كما قال الوحي الإلهي " لم يحسب مساواته لله اختلاساً " (في2 :6)،
فهو وحده المساوي ليهوه لأنه " يهوه المخلص "، أنه إلهنا العظيم ومخلصنا
يسوع المسيح " (تي2 : 13)، أنه " الإله الحق والحياة الأبدية "
(1يو5 :20)، أنه " الألف والياء البداية والنهاية، الأول والآخر " (رؤ22
"13)، أنه " الكائن على الكل الإله المبارك إلى الأبد " (رو9 :5).
ومن
ثم فقد صار كل ما ينسب لله يهوه ينسب للرب يسوع المسيح:
فيقول عنه الكتاب:
" لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن
في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله
الآب " (في9:2-11). وهذ نفس ما قيل عن الله يهوه في اشعياء: " بذاتي
أقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع انه لي تجثو كل ركبة يحلف كل لسان "
(اش23:45).
ويؤكد أن الخلاص
والإيمان قد صار باسم يسوع: " وعلى اسمه يكون رجاء الأمم " (مت21:12)،
" وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون
باسمه " (يو12:1)، " ولما كان في أورشليم في عيد الفصح آمن كثيرون باسمه
إذ رأوا الآيات التي صنع " (يو23:2)، " الذي يؤمن به لا يدان والذي لا
يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد " (يو18:3)، " فليكن معلوما عند جميعكم وجميع شعب إسرائيل
انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي أقامه الله من الأموات. بذاك
وقف هذا أمامكم صحيحا 000 وليس بأحد غيره الخلاص. لان ليس اسم آخر تحت السماء قد
أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص " (أع10:4و12)، " له يشهد جميع
الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا " (أع43:10)، "
والآن لماذا تتوانى. قم واعتمد واغسل خطاياك داعيا باسم الرب " (أع16:22)،
" لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت
" (رو9:10)، " وهكذا كان أناس منكم. لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم
باسم الرب يسوع وبروح إلهنا " (1كو11:6)، " وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم
ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضا كما أعطانا وصية " (1يو23:3)، " كتبت
هذا إليكم انتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا
باسم ابن الله " (1يو13:5).
كما يؤكد أن اسم يسوع هو الاسم الأعظم: "
إلى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع
الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا " (1كو2:1)، "
الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات فوق كل
رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضا
" (أف20:1و21)، " لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي
تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان
أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب " (في2 :9-11)، " لكي يتمجد اسم
ربنا يسوع المسيح فيكم وانتم فيه بنعمة إلهنا والرب يسوع المسيح " (2تس12:1)،
" وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضا كما أعطانا
وصية " (1يو23:3)، " وقد احتملت ولك صبر وتعبت
من اجل اسمي ولم تكلّ 000 أنا عارف أعمالك وأين تسكن حيث كرسي الشيطان وأنت متمسك
باسمي ولم تنكر إيماني حتى في الأيام التي فيها كان انتيباس شهيدي الأمين الذي قتل
عندكم حيث الشيطان يسكن " (رؤ3 :2و13).
وأن الشهادة هي باسم يسوع: " لكنكم ستنالون قوة
متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة
وإلى أقصى الأرض " (أع1 :8).
كما أن الرب يسوع المسيح يتكلم عن أهمية اسمه:
" كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا
شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة " (مت22 :7)، " وتكونون مبغضين من
الجميع من اجل اسمي.ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص " (مت22 :10)،
" ومن قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي فقد قبلني 000 لأنه حيثما اجتمع اثنان أو
ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم " (مت5 :18و20)، " وكل من ترك بيوتا أو
أخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو امرأة أو أولادا أو حقولا من اجل اسمي يأخذ مئة
ضعف ويرث الحياة الأبدية " (مت19 :29)، " حينئذ يسلمونكم إلى ضيق
ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الأمم لأجل اسمي " (24 :9)، " فاذهبوا
وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا
جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.آمين " (مت28
:19و20).
والمسيحيون يعتمدون باسم يسوع: " فاذهبوا وتلمذوا
جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " (مت28 :19)، " فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم
على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع2 :38)،
" لأنه لم يكن قد حل بعد على أحد منهم. غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب
يسوع " (أع8 :16)، " وأمر أن يعتمدوا باسم الرب " (أع10 :48)،
" فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع " (أع5 :19)، " هل انقسم
المسيح. ألعل بولس صلب لأجلكم. أم باسم بولس اعتمدتم 000 حتى لا يقول أحد أني عمدت
باسمي " (1كو1 :13و15).
بل وأن يتحملوا الآلام لأجل اسم يسوع: " وأما
هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستاهلين أن يهانوا من اجل اسمه
" (أع5 :41)، " لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من اجل اسمي " (أع9
:16)، " رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبينا
برنابا وبولس. رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح " (أع15
:26)، " فأجاب بولس ماذا تفعلون تبكون وتكسرون قلبي لأني مستعد ليس أن أربط
فقط بل أن أموت أيضا في أورشليم لأجل اسم الرب يسوع " (أع21 :13).
والاجتماع
باسم يسوع " لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم
" (مت18 :20)، " باسم ربنا
يسوع المسيح إذ انتم وروحي مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح " (1كو5 :4).
وأن يتم الشفاء باسم يسوع " فقال بطرس ليس لي
فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش 000 وبالإيمان
باسمه شدد اسمه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام
جميعكم " (أع3 :6و16)، " فليكن معلوما عند جميعكم وجميع شعب إسرائيل انه
باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي أقامه الله من الأموات. بذاك وقف
هذا أمامكم صحيحا 000 بمد يدك للشفاء ولتجر آيات وعجائب باسم فتاك القدوس يسوع
" (أع4 :10و30).
وأن تكون البشارة والتعليم باسم يسوع " وان يكرز
باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم " (لو24 :47)، " ولكن لئلا تشيع أكثر في الشعب لنهددهما
تهديدا أن لا يكلما أحدا من الناس فيما بعد بهذا الاسم. فدعوهما وأوصوهما أن لا
ينطقا البتة ولا يعلّما باسم يسوع " (أع4 :17و18)، " قائلا أما أوصيناكم
وصية أن لا تعلّموا بهذا الاسم. وها انتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم وتريدون أن
تجلبوا علينا دم هذا الإنسان " (أع5 :28)، " ولكن لما صدقوا فيلبس وهو
يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالا ونساء "
(أع8 :12)، " فأخذه برنابا وأحضره إلى الرسل وحدثهم كيف أبصر الرب في الطريق
وانه كلمه وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع. فكان معهم يدخل ويخرج في أورشليم ويجاهر
باسم الرب يسوع " (أع9 :27و28). وأن تغفر الخطايا
باسم يسوع: " له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا
" (أع10 :43)، " اكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غفرت لكم الخطايا من
اجل اسمه " (1يو2 :12). وأن يقدم الشكر والحمد باسم يسوع: " شاكرين كل
حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح للّه والآب " (أف20:5)، "
فلنقدم به في كل حين للّه ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه " (عب13
:15).
بل وعمل كل شيء
باسم يسوع " وكل ما عملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله
والآب به " (كو3 :17).
11 – إعلان أنه الرب المعبود والذي يصلي المؤمنون باسمه:
قال الله في العهد القديم " الرب إلهك تتقى وإياه تعبد
وباسمه تحلف " (تث6 :13)، وقال الرب يسوع المسيح في العهد الجديد " للرب
إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " (مت4 :10). إذا الله وحده هو المعبود، والكتاب
أيضا يقول أن الرب يسوع المسيح هو المعبود، كما سبق وتنبأ عنه دانيال النبي قائلاً
" كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى
القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب
والأمم والألسنة. سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض "
(دا7 :13،14). وقد أعلن هو نفسه أنه الذي يٌصلى إليه وأنه هو سامع الصلاة، وأنه هو
الذي يستجيب للصلاة، وأنه هو الذي يعطي القوة والغلبة، الذي يقوي ويجعلنا نغلب
الشرير، فقال:
" حيثما (أي في أي مكان في الكون) أجتمع اثنان أو ثلاثة
باسمي فهناك أكون في وسطهم " (مت18 :20)، " ليس كل من يقول لي يا
رب يا رب يدخل
ملكوت السموات " (7 :21)، " لماذا تدعونني يا رب يا رب وأنتم لا
تفعلون ما أقوله " (يو6 :46)، ولذا
فقد صلت إليه الكنيسة عند اختيار متياس الرسول بديلا عن يهوذا قائلة: " أيها
الرب العارف قلوب الجميع عين أنت من هذين الاثنين أيا اخترته " (أع1 :24).
كما يقول القديس بولس بالروح "
من جهة هذه تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني (آلام شوكة الجسد). فقال
لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل
على قوة المسيح " (2كو12 :7-9)، كما يشكره لأنه قواه " وأنا أشكر
ربنا الذي قواني" (1تي1 :12)، وقال له توما بعد القيامة " ربى وإلهي " (يو20
:28).
فقد أعلن هو أنه المعبود، وبرهن على أقواله بأعماله، ومن ثم فقد
قدم له تلاميذه والمؤمنون به العبادة ووصفوا أنفسهم بعبيده، وهذا ما أكدوه في افتتاحيات
رسائلهم للمؤمنين: " يعقوب عبد يسوع المسيح " (يع1 :1)، "
يهوذا عبد يسوع المسيح " (يه1)، " بطرس عبد يسوع المسيح
" (2بط1 :1)، " بولس عبد يسوع المسيح " (رو1 :1)،"
بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح " (في1 :1)، " ابفراس الذي هو
منكم عبد للمسيح " (كو4 :12). ويقول القديس بولس بالروح: " لأن
من دعي في الرب وهو عبد فهو عتيق الرب. كذلك أيضاً الحر المدعو هو عبد للمسيح.
قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيداً للناس " (1كو7 :23).
ولأن الرب يسوع المسيح هو المعبود فقد قبل السجود من كل من سجدوا له،
وهو نفسه القائل " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " (مت4 :10)
ولم يمنع أحداً من السجود له، يقول الكتاب: فعند
ميلاده جاء المجوس قائلين " أتينا لنسجد له " (مت3:2). وسجدوا له
" خروا وسجدوا له " (مت2 :8)، " وإذا أبرص قد جاء وسجد
له " (مت2:8)، " وفيما هو يكلمهم بهذا إذا رئيس قد جاء فسجد له
" (مت18:9)، " والذين في السفينة جاءوا فسجدوا له " (مت14
:33)، " وإذا امرأة كنعانية 000 أتت وسجدت له قائلة يا سيد أعنى
" (مت15 :25)، " والمولود أعمى الذي خلق له المسيح عينين " سجد
له " (يو9 :38).
وكما عبده تلاميذه كالرب الإله فقد سجدوا له أيضا كالرب الإله،
فهم كانوا يعلمون مما تعلموه من الرب نفسه، وكيهود أصلا، أنه لا سجود ولا عبادة
لغير الله، وقال الملاك القديس يوحنا في الرؤيا: " أنظر أنا عبد معك ومع
أخوتك الذين عندهم شهادة يسوع المسيح أسجد لله " (رؤ19 :10؛22: 9)، كما
منع القديس بطرس قائد المئة الذي حاول أن يسجد له قائلاً " قم أنا أيضاً
إنسان " (أع10 :25)، ولكن التلاميذ عبدوه وسجدوا
له كالرب الإله، كما قال له توما " ربى وإلهي " (يو20: 28)،
" حينئذ تقدمت إليه أم أبني زبدي مع أبنيها وسجدت " (مت20:20)،
وبعد القيامة " لما رأوه (تلاميذه) سجدوا له " (مت28: 17)،
والمريمتين " أمسكتا بقدميه وسجدتا له " (مت28: 19). وفي
كل هذه الحالات لا توجد أية إشارة أو تلميح في الكتاب على أن الرب يسوع المسيح قد
رفض ولم يقبل
السجود له بل على العكس تماماً فهو المكتوب عنه " ولتسجد له كل ملائكة
الله " (عب1 :6) وأيضا " لأننا جميعاً سوف نقف أمام كرسي المسيح
لأنه مكتوب أنا حي يقول الرب أنه لي ستجثو كل ركبة وكل لسان سيحمد الله "
(رو14 :10، 11)، وأيضا " لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء
ومن على الأرض ومن تحت الأرض " (في2: 10).
كما أكد بنفسه حتمية تقديم الصلاة له، كسامع الصلاة والمستجيب
لها، حيث يقول: " ومهما سألتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الآب بالابن. أن
سألتم شيئا باسمي فأني افعله " (يو14: 13و14)، " وفي ذلك اليوم لا
تسألونني شيئا. الحق الحق أقول لكم أن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم
" (يو16 :23).
وكان تلاميذه ورسله يعرفون هذه الحقيقة ويطبقونها
في كل حياتهم حيث يقول الكتاب: " فكانوا يرجمون استيفانوس وهو يدعو ويقول أيها
الرب يسوع اقبل روحي " (أع7 : 59). ويقول القديس بولس بالروح: " إلى
كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع
الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا " (1كو1: 2).
ويقول الكتاب عن الله الآب: " ويكون أن كل من يدعو باسم الرب ينجو "
(يوئيل2 :32وأع2: 21). ويركز العهد الجديد على أن الصلاة والدعوة يجب أن تكون للرب
يسوع المسيح: " أما الشهوات الشبابية فاهرب منها واتبع البر والإيمان والمحبة
والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي " (2تي2 :22)، " وكل ما
عملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به
" (كو3 :17). ويقول سفر الرؤيا: " ولما اخذ السفر خرّت الأربعة
الحيوانات والأربعة والعشرون شيخا أمام الحمل ولهم كل واحد قيثارات وجامات
من ذهب مملوءة بخورا هي صلوات القديسين " (رؤ5: 8). أي أن صلوات
القديسين ترفع للرب يسوع المسيح.
12 – وهو غافر الخطايا الذي يغفر الخطايا باسمه:
يقول الكتاب لا يغفر الخطايا إلا الله وحده والرب
يسوع المسيح أعلن مرات كثيرة أنه هو غافر الخطايا: " فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج يا بنيّ مغفورة لك
خطاياك. وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون في قلوبهم لماذا يتكلم هذا
هكذا بتجاديف. من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده. فللوقت شعر يسوع بروحه
أنهم يفكرون هكذا في
أنفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم. أيّما
أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم واحمل سريرك وامش ولكن
لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا. قال للمفلوج لك
أقول قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك " (مر2 :5-11). وهنا يؤكد أنه هو
غافر الخطايا ويبرهن على ذلك بشفائه للمفلوج. وهكذا قال عن المرأة الخاطئة: "
من اجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرا. والذي يغفر له قليل
يحب قليلا. ثم قال لها مغفورة لك خطاياك " (لو7 :47).
كما أنه غفر خطايا العالم كله بدمه، وهذا ما كان
يؤكد عليه دائما لتلاميذه وخاصة في العشاء الرباني وبعد قيامته: " وفيما هم
يأكلون اخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا. هذا هو جسدي.
واخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمي الذي للعهد
الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا " (مت26 :28)، " من يأكل
جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير. لأن جسدي مأكل حق ودمي
مشرب حق. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه " (يو6 :54-56)، " حينئذ
فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم
ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع
الأمم مبتدأ من أورشليم " (لو24 :47).
من كتاب
هل قال المسيح أنا الله فاعبدوني؟
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد